المرأة القوية : هل هي قوية فعلاً ؟



متري حجار - في مجتمعاتنا الشرقية مصطلح شهير دأبت على سماعه منذ نعومة أظفاري وهو "المرأة القوية" وهو مصطلح يطلق عادة على المرأة المستقلة والمجادلة والقادرة على نيل حقوقها بنفسها دون الاعتماد على أحد و القادرة على فرض سلطتها أو بمعنى آخر ...المرأة المسيطرة .

 

وكثيراً ما يرفق بتعبير المرأة القوية جملة أخرى شهيرة وهي " هذه المرأة لن تتزوج أبداً " بمعنى أن استقلاليتها و قوة شخصيتها لن تسمح لها بالتعايش مع أي رجل سوى ضعيف الشخصية الذي يقبل على نفسه سماع الإملاءات منها والعمل بها.

أعتبر نفسي من المحظوظين الذين سنحت لهم الفرصة للعمل مع الشبيبة ومع فئات كثيرة في المجتمع الأمر الذي سمح لي بالتعامل مع الكثيرات من اللواتي يوصفن بأنهن فتيات قويات مرهوبات الجانب، وبعد معرفتهن عن قرب وما وجدته  قدرة عالية على الجدال المستمر بدون منطق وأحياناً مع الصراخ وعدم إصغاء للآخر  ومحاولة فرض آراء بالقوة أو بمعنى آخر الإلغاء للطرف الثاني والأهم وهو العنصر الأكثر شيوعاً هو العناد التام والأفكار الثابتة التي لا حياد عنها.


أي من هذه الصفات لا تمت للقوة بصلة وبتحليل بسيط نجد أنها في معظمها تتمحور حول الدونية تجاه الرجل لكون مجتمعاتنا تمنحه التفوق بشكل تقليدي ـ وهو الأمر الغير مفهوم إلا على أساس القوة الجسدية  الأمر الذي ينافي الإنسانية برمّتهاـ وثانياً الحقد على الجنس الأنثوي وكرهه ومحاولة الهروب منه من خلال التشبه بصفات الرجال الذين يفرض عليهم أن يسيطروا على المحيط الخاص بهم سواء أكان عائلة أم محيط عمل أو حتى أصدقاء ـوهو الأمر الغير سوي كذلك الأمر ـ 


المرأة القوية باختصار هي المرأة السوية فعلاً ، التي تدرك نفسها على حقيقتها وليست بحاجة للتشبه بأحد ، ذات الوجدانية العميقة التي تمكّنها من إدراك الأمور على حقيقتها الأمر الذي لا ينجح أقوى وأذكى الرجال على فعله ، كما أنها تقوم بكل ما تقوم به بدافع القناعة الشخصية والارتياح لذاتها وليس في سبيل الهروب من الذات والواقع الحياتي أو لإثبات أي شيء لأي أحد آخر .


 الإنسان القوي هو الإنسان العارف لذاته والمقتنع بها والمتعايش معها وهو يمتلك الأرضية الصلبة لتقبل الآخر المختلف عنه  سواء بالأفكار أو بالتصرفات والتعايش معه بشكل صحيح دون أن تكون قوة شخصية الآخر عائقاً له لأن الرجل أو المرأة الغير قادر على التعامل إلّا مع شخص أضعف منه لا يمت للقوة بصلة بل هو عبارة عن شخص إلغائي وواقع في مصيدة العناد  والتصلب والأفكار الثابتة التي هي أهم مظاهر يمكن تصنيفها بخانة الطباع بأي شكل من الأشكال  بل  هي وبكل وضوح  أمراض النفسية تجبر الدماغ على استخدام منطقة ضيّقة منه فقط وتغلق بقية قشرته الخارجية أمام أي أفكار أخرى الأمر الذي يشكل جداراً يصعب خلقه .


السعي للقوة والتميز هو سعي مشروع لكنه مربوط بشكل رئيسي بوضع الآخر في حياتنا في الحسبان والمثل العربي القائل " لا تكن قاسياً فتكسر أو ليناً فتعصر " صحيح بنسبة مئة في المئة لأن التوازن هو أساس القوة التي تسمح لنا بخلق بيئة ينمو الآخر فيها بدون ضغوط أو أحكام  مسبقة ...ومن كان له أذنتان مصغيتان فليسمع ....


  للمزيد من المقالات الخاصة .. اضغط هنا

صفحة الكاتب على الفيسبوك:
تابعنا على الفيسبوك:


  

تابعنا على تويتر: