خواطر شاب الكتروني




هذا المقال من مقالات الزوار.. للمشاركة اضغط هنا

نبيل المنزلي - في غرفة متوسطة الحجم،جالس على كرسي لم يتغير عني شكله منذ أن علمت أنهم يدعونه كرسي،نافذة على يميني تدخل منها نسمات تنسيني هذا الجو الحار،أوراق مشتتة هنا وهناك ،صورة للفريق الوطني الذي شارك في كأس  إفريقيا للأمم سنة  2008 معلقة أمامي على الحائط ،يبدو جميع اللاعبين مبتسمين،طبعا فقد تم إلتقاط الصورة قبل بداية الدورة.


على الحائط خلفي صورة لمنظر طبيعي خلاب لطالما حاولت أن  أكتشف تعديلا خفيا يبين أنه تم التعديل عليه بواسطة مصمم محترف بإحدى برامج التصميم لكنني كنت أفشل دوما،كنت قد أوصلت حاسوبي بالكهرباء وضغطت زر تشغيله.. ولكونه ينتمي إلى عهد ما قبل المعالج المركزي ثنائي النواة فقد كان علي الإنتظار بعض الوقت،قرصي الصلب ذو الأربعين جيغابايت كان غالبا ما يصدر صوتا كمن يتحدث إلي،يريد أن يخبرني شيئا لكنني كنت أتجاهله،فمن هذا الأحمق الذي سيكلم قرصة الصلب؟؟

ربما كان يئن ،يندب حظه أنه وقع بين يدي فأثقلته بكثرة التطبيقات،فإخوانه من الأقراص الصلبة التي شحنت لدول أوربية هي الآن قد تمت إعادة صناعتها،أو تركها ترتاح في مكان الخردة،أو ربما أراحوها للأبد بإعدامها،...ذاكرة حاسوبي الحية كانت لبقة بعض الشيء،إذ أحيانا لما أثقل كاهلها بكثرة التطبيقات المستعملة في آن واحد،كانت ترسل لي إشارة تنبيه بأنها لم تعد قادرة على إستيعاب المزيد،ثم تغضب إذا لم أستجب لندائها وتقوم بإقفال كل التطبيقات ذون استشارة،هي الأخرى لا شك كانت  لها نفس مرجعية قرصي الصلب،شاشة حاسوبي كانت جميلة بعدة أزرار لم أكن أستعمل منها سوى زر يجعل الشاشة تنقلب رأسا على عقب لتعود كما كانت،كانت تلك الحركة تسليني كلما كان علي إنتظار رد المعالج...

كان الوقت اللازم كي يستعيد حاسوبي وعيه كافيا لترديد مقطع من قصيدة أحفظها,أو لتأمل تلك اللوحة الطبيعية وأحيانا فعل لاشيء،مجرد الإنتظار...خلفية مكتبي هي كذلك لمظر طبيعي يغلب عليه السكون ولا توجد الكثير من الأيقونات عليه،فقط البرامج الرئيسية التي أحتاجها...،هناك أسفل الشاشة بالقرب من الساعة يظهر  مثلت كنت أتشاءم من رؤية لونه يتغير إلى الأحمر معلنا إستحالة الإتصال بالشبكة العنكبوتية،حينها أبدأ بفحص الأسلاك التي تربطني بخط الهاتف لعلي أجد خللا ما،كنت أتساءل أحيانا كيف لهذين السلكين البسيطين إمدادنا بهذا الكم الهائل من المعلومات ؟بمجرد  الإتصال بالشبكة أسجل دخولي لبرنامج المحادثة  
msn messenger رغم غياب أي هدف من ورائه،فقط لأن سلطان العادة الطاغي أوشك أن يجعل مني آلة مسلوبة العقل،أفتح متصفحا ما،لتطل صفحة صديقي جوجل المميزة بشعارها الخفيف.نعم فجوجل صديقي لكنني للأسف لست صديقا له فهو لم يهتم يوما بعيد بخصني كما أن تجربتي مع google adsenceإنتهت بفشل ذريع بعد مدة بسيطة من بدايتها،جالت بذهني صورة مخترعي هذا المحرك العبقري وكيف ناضلا من أجل تحقيق هدف معين في حياتهما...أتصفح بعض المواقع والمنتديات وقد يصادف أن أبحث عن بعض الأشياء التي تستهويني...

تذكرت مجموعة من المواقع الخدمية التي سبق لي زيارتها،ابتداءا من محركات البحث العبقرية التي تسهل لك البحث عن أي شيء تريده حتى ولو كانت صورة تحتوي لونا معينا،ومرورا بتلك التي تجعلك في غنا عن البرامج المكتبية-كحزمة برامج الأوفيس مثلا او برامج تعديل الصور-وانتهاءا بالمواقع الإجتماعية والموسوعات. 


أدهشتني فعلا كل تلك التطبيقات،هاته الأخيرة اشتركت في قاسم مشترك كونها جميعا تحمل عناوين غربية،أي غياب شبه كلي للعقول العربية،كيف أن الإبداع العربي لا نلحظه على الساحة سوى مرات قليلة،الأمر يجلب العديد من التساؤلات حول ما ينقصنا لنصبح منتجين كذلك؟طوال مدة إتصالي تدهشني الأفكار الغربية وطريقة تنفيذها وصراع مبدعيها من أجل تقدمها بينما  تجدنا غالبا فالحين في النقاشات الفارغة . 

لست منكرا أن لنا دورا لا يتلخص في الإستهلاك التكنولوجي فقط بل يتعداه لأبعد من ذلك،لكن بالرغم من ذلك فلازلنا بعيدين جدا عن مستوى الدول الغربية،سجلت دخولي للموقع الإجتماعي الأكثر شهرة  facebookلصاحبه الملياردير الشاب،في الصفحة الرئيسية تظهر إهتماماتنا فصورة تحمل عبارة 'هل يمكن أن تتحول الصداقة على الفايسبوك إلى حب؟

 وتجد كل واحد منا  يطرح وجهة نظره بحرية مطلقة مفتخرا بأنه قد أسهم في إثراء نقاش ثقافي قد يساهم في تطور العلوم ببلادنا والكثير الكثير من الأشياء التي أصبحنا نطلق عليها مجازا شروطا أساسية للحداثة رغم أنها في الأصل ليست سوى قشور أحببناها ،بضعة صور لمعاني مختلفة،مقاطع فيديو مختلفة المعاني،نظل على هذه الحال وهم يراكمون الأموال الطائلة عبر تلك الإعلانات التي تظهر على الصفحة ،على العموم فقد قمت بكتابة المقالة ثم بدأت بتصفح أي شيء، فقط لأنني اليوم كما البارحة لست مستعدا لأبحث عن شيء تقني قد يفيدني...
تابعنا على الفيسبوك:


  

تابعنا على تويتر: