رأي : الفاروق والتجسيد




رامي علي الطراونة - في البداية وقبل كل شي يجب أن ندرك مسألة أن الوحي انقطع بتمام الرسالة وبتفضيله صلى الله عليه وسلم جوار الرفيق الأعلى .

وقد ضرب لنا خير البرية مثالا عمليا على إمعان العقل والتفكر وعدم التسليم المطلق لأي حقيقة إلا ما أمرنا به الله في القرآن , فكان عليه السلام رغم تنزيل الوحي عليه يأخذ برأي أصحابه بما يعرض لهم من أمور الدنيا .

إذا لنتفق أن التسليم المطلق بأي حقيقة دون البحث والتدقيق لا أصل لا في دين ولا في عرف .

ثانيا : نأتي على المسلسل الذي كانت أولى معضلات تقبله عند الأغلبية مسألة التجسيد , تلك التي لا أصل في تحريمها شرعا ولا يوجد نص يدل على ذلك لا من قريبب ولا من بعيد ...

انما خرج البعض – وأعترف أني كنت منهم في البداية – وطالبوا بوقف المسلسل بحجة أن الشخصية سترتبط بالممثل ... وهنا أذكر عنده نقاط :
1 – من خلال قرائتي لبعض ما جاء في كتب تاريخنا الإسلامي كابن كثير والطبري , وجدت صعوبة بالغه في ربط الأحداث مع الشخصيات وتشعبها خصوصا مع استخدامهم لغة واسلوبا أدبيا يصعب لدى البعض تقبله , فتارة يذكر الكتاب الشخصية باسمه ومره باسم أبيه ومره بكنيته وأخرى بصفته وشهرته بين العرب* فتضيع الفكرة لدى القارئ سعيا منه وراء مَن وماذا ومتى حدث ذاك؟!

*على سبيل المثال لا الحصر: ابن عمر , أبو عبد الله , خطيب العرب ...كلها ألفاظ تشير للصحابي سهيل بن عمر رضي الله عنه.

2- عطفا على النقطة الأولى ... تجسيد شخوص الصحابة بممثلين لا برواه - كما فضّل بعض النقاد- يرسخ الفكرة ويوثق الصله بين الحدث وصاحبه دون الحاجة لمقدمات أو إيضاحات .

3- التجسيد يساعد في رسم خط زمني واضح للأحداث شئنا أم أبينا , وذلك من خلال ثأثر الشخوص بعوامل الزمن – افتراضيا - . أو من خلال ربط الحدث بالحدث الآخر. 

** مثلا : ربط مرض أبي بكر الصديق ووفاته في المدينة بمعركه اليرموك وما حدث أثناء ذلك من تناقل لقياده الجيش بين خالد وأبي عبيده رضوان الله عليهم أجمعين .

4- في عصرنا هذا لا يمكن اعتبار مسألة الخوف من ارتباط الشخص بالممثل حجة لمعارضه المسلسل , وذلك لعده أسباب أهمها أن الصغير قبل الكبير الآن يمتلك حسابا أو أكثر على مواقع التواصل الاجتماعيه , والمتلقي هو المسؤول الوحيد عن قناعاته , وفي اليوم الواحد نقرأ آلاف المنشورات والمواد منها ما يسيء للصحابة ومنها ما يمدهحم ومنها ما قُوِّلَ عليهم ...ويبقى العقل واختياراته هما الفصل.

5- إن لم نقم نحن الآن بعمل عمل يليق بتاريخ الصحابة وإيلاؤهم ما كانوا عليه , سيسبقنا الغير -وقد فعلوا - بتجسيدهم كيفما شاؤوا ... وسنقع هنا في مشكله جديده.

6- نعم ... وقع طاقم العمل في عدة أخطاء منها الملاحظ كالدبلجة من العربية إلى العربية , إلا أن المنطق يفرض علينا أن نكيل الأمر بكفتي ميزان دون محاباه ...فهل طغت إيجابيات العمل وجهد القائمين عليه على أخطائهم ؟ أعتقد ذلك .

7- اختيار الممثلين ومقاربتهم من الناحية الجسمانية للصحابة مسألة أخطأ المخرج فيها وأصاب , فليس من رواية قطعية عن أوصاف الصحابة رضوان الله عليهم , إلا أنه – أي المخرج- نآى بنفسه عن أي مثير للفتن, وذاك اوجب وأحوط , فالفكره هي مضمون الحقبة والمحتوى لا الممثلين أنفسهم .

وأيا كان من سيؤدي دور أبا بكر وعمر وعثمان وعلي فإن القصور هو أساس جهده ... وما حاولوا إلا المقاربة ما استطاعوا ...

وآخر دعوانا أن اللهم اجمعنا بنبيك وصحبه في جنتك ... اللهم آمين


 تابع الكاتب على الفيسبوك وتويتر:






تابعنا على الفيسبوك:



  

تابعنا على تويتر: