لماذا يساعد التنفس البطيء على استرخاء العقل؟





عرف الانسان عملية ضبط التنفس منذ فترة طويلة، اذ استخدمها كوسيلة لاسترخاء العقل في اليوغا والتأمل لالاف السنين، وهي تستعمل اليوم في مجالات الطب والصحة النفسية للحد من التوتر بل ونوبات الهلع ايضا. واليوم تستهدف دراسة على الفئران معرفة آليات الدماغ التي تنتج الاثر المسكن للتنفس البطيء. لذلك، حتى وان لم تفهم او تؤمن بقدرة ضبط التنفس على تهدئتك، فانه سيفيد دماغك على اية حال.

هناك مجموعة صغيرة من الخلايا العصبية في جذع الدماغ تربط التنفس بحالات مختلفة كالقلق والاثارة والاسترخاء والانتباه، وتعرف باسم منظم التنفس. وتوجد هذه المجموعة في كل من الفئران والبشر.

قال مؤلف الدراسة مارك كراسنو في بيان صحفي: “مهمة منظم التنفس، من بعض الجوانب، اصعب من مهمة نظيره في القلب”، مضيفا “على عكس التسلسل المتصل احادي البعد والمتفاوت بين السرعة والبطء في القلب، هناك انواع كثيرة متباينة للتنفس: المنتظم وما يكون عند الاستثارة والتنهد والتثاؤب والنوم والضحك والنشيج. تساءلنا ما اذا كانت توجد انواع فرعية مختلفة من الخلايا العصبية داخل مركز ضبط التنفس مسؤولة عن تكوين هذه الاشكال المتعددة من التنفس”.

اراد كراسنو وفريقه ان يفصل المجموعات الفرعية المميزة من الخلايا في السلسلة، التي قد تتحكم كل منها في شكل مختلف من التنفس- لذلك قرروا محاولة تعطيل كل نوع على حدة. استطاعت المجموعة عزل الجينات والبروتينات لكل نوع خلايا واوجدوا طريقة لوقف نشاطها. في دراسة سابقة، عزلوا الخلايا المسؤولة عن التنهد- حين تعطل عمل الخلايا، فقد الحيوان قدرته على التنهد.

في الدراسة الجديدة، وجدوا مجموعة فرعية اخرى استطاعوا تعطيلها وملاحظة اثار ذلك. حين تابعوا الفئران التي خمل فيها هذا النوع من الخلايا، لم يظهر تغير في طريقة التنفس- الى ان وضعوا الفئران في بيئة جديدة، ولاحظوا انها لا تقوم بعمليات التنشق الاستكشافي المتوقعة منها. دفع هذا الفريق الى الاعتقاد بانهم اكتشفوا نقطة “الاسترخاء” في سلسلة التنفس. قال طالب الدراسات العليا كيفن ياكل: “حين تضعها في بيئة جديدة من المنتظر ان تحفزها عادة على الاستكشاف والتنشق بكثرة، لا تفعل شيئا سوى تنظيف اجسادها”. ما جعل الفريق يعتقد انه حدد المجموعة الفرعية من الخلايا العصبية المسؤولة عن الاسترخاء.

وجد الفريق ان الخلايا ترسل أليافا الى منطقة من الدماغ تتحكم باليقظة. قال المؤلف جاك فيلدمان، الذي قام بالاكتشاف الاولي في بداية التسعينات، ان هذه المنطقة الفرعية تحديدا “تؤدي على ما يبدو دورا هاما في تأثير التنفس على الاستثارة والمشاعر، مثل ما يلاحظ خلال التأمل”. واضاف “نأمل ان يؤدي فهم هذه الوظيفة للمركز الى علاج التوتر والاكتئاب وغيرهما من العوارض السلبية”.

من الجيد ان ندرك لماذا يكون لهذا النشاط البسيط القائم منذ مدة طويلة اثر محتمل على وظيفة عليا للدماغ. ربما يكون التنفس واحدا من تلك العمليات التي لا تحتاج بالضرورة الى فهمها بالكامل كي تؤدي عملها، رغم ذلك لا باس في ان تحاول القيام بهذا النشاط لعلك تجني منه الفائدة وان لم تكن مؤمنا بأنه سيسهم كثيرا في استرخاء دماغك.


المصدر: فوربس الشرق الأوسط


تابعنا على الفيسبوك:

تابعنا على تويتر: