مشاهير رفعوا شعار لن نعيش فى جلباب "نوبل"..




حكاية رافضى الجائزة العالمية بدءا من برنارد شو.. "سارتر" قال إنها "صكوك غفران".. زعيم فيتنام يرفض اقتسامها مع كسينجر.. وهتلر يمنع 3 ألمان من استلامها .. 


اليوم السابع - ليس كل من نادت عليهم الأكاديمية الملكية فى استكهولم للعلوم بالسويد المانحة لجائزة نوبل استجابوا للنداء، فهناك من رفض ومنهم من أجبر على الرفض، ويأتى على رأس القائمة جورج برنارد شو، الكاتب الأيرلندى الذى استمر بالكتابة المسرحية لنحو تجاوز 40 عاما فأنتج مسرحيات لاقت من الشهرة والمكانة ما استحق عليه الفوز بجائزة نوبل عام 1925 التى انتظرها طويلا فرض الجائزة، وقال عنها: "هذه الجائزة أشبه بطوقِ نجاة يلقى به إلى شخص وصل بر الأمان ولم يعد هناك خوف عليه من خطر، لم يعد لى حاجة إلى تلك الجائزة"، وقال إنها تمنح لمن لا يستحقها.

لم يكتفِ برنارد شو برفض جائزة نوبل لأنه لم يعد يحتاجها لكن ذلك دفعه للسخرية من مؤسس الجائزة الذى جمع ثروته الكبيرة بسبب اختراعه للديناميت وقال فيه "إننى أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكننى لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل.. إنى أكتب لمن يقرأ لا لأنال جائزة".

 الفيلسوف الفرنسى الشهير جان بول سارتر رفض جائزة نوبل ووصفها بأنها جائزة سياسية كجائزة لينين، تلك الجائزة التى قال إنه كان سيرفضها أيضا فى حال عرضت عليه ليكون السبب الأكبر الذى دفعه لرفض جائزة نوبل فى قوله: "إنه على الكاتب أن يرفض تحويل نفسه إلى مؤسسة حتى لو كانت مدرجة فى قائمة الشرف، وهؤلاء الذين يقدمون التشريفات وسواء كانت وسام شرف أو جائزة نوبل لا يملكون فى الحقيقة تقديمها"، وحينما سئل عما إذا كان نادما على رفضه نوبل فقال "على العكسِ تماما فقد أنقذ ذلك حياتى فأنا أرفض صكوك الغفران الجديدة التى تمنحها جائزة نوبل".

 ويقول أندريه جيجو المتخصص فى فلسفة سارتر لوكالة فرانس برس: "كان لدى سارتر سببان عميقان يحولان دون قبوله الجائزة الأول أنه كان يخاف أن يدفن حيا قبل أن يتم مساره وكان ينظر إلى الجوائز على ـنها قبلة الموت، أما لسبب الثانى أنه بنى كل أفكاره على نقد كل أشكال المؤسسات التى كان يصفها بأنها مميتة"، وبالرغم من ذلك فإن جان بول سارتر يعد حائزا لجائزة نوبل للآداب فى العام 1964، رغم رفضه الجائزة، ورغم رفضه حضور الحفل التقليدى فى العاشر من ديسمبر من العام نفسه، ورغم أنه رفض استلام الشيك المصرفى للجائزة وقيمته 273 ألف كورون سويدى، أى ما يعادل اليوم 300 ألف يورو.

 ويقول أنطون جاكوب الذى عمل صحفيا فى وكالة فرانس برس ووضع كتابا بعنوان "تاريخ جائزة نوبل" إن السويديين كانوا واضحين جدا منذ البداية، وإن رفض سارتر للجائزة لا يعنيهم، فقد تم اختياره وقضى الأمر"، وليس فى رفض سارتر للجائزة ما يثير الدهشة فهو سبق أن أعلن مرارا رفضه نيل أى جائزة من تلك التى تمنحها السلطات الفرنسية مثل جائزة جوقة الشرف وغيرها. 

والرفض لم يتوقف عند سارتر وبرنارد شو، لكن فى عام 1958 أجبرت سلطات الاتحاد السوفيتى الكاتب الروسى بوريس باسترناك على رفض الجائزة التى منحته له الأكاديمة عن روايته "دكتور زيفاجو"، وتفاصيل القصة كما كشف عنها المؤرخ السوفييتى إيفان تولستوى فى كتابه الرواية المغسولة، فتقول إنه تم تجهيزها فى معامل المخابرات المركزية الأمريكية "سى آى أيه" وبمساعدة المخابرات البريطانية ودول أخرى فى حلف الناتو، ويقول مؤلف كتاب "الرواية المغسولة": بعد يومين من علمه بنبأ حصوله على الجائزة أرسل الكاتب الروسى باسترناك برقية إلى الأكاديمية الملكية السويدية قال فيها: إننى أتقدم لكم بجزيل الشكر وأشعر بالكثير من التأثر والفخر فى نفس الوقت الذى يغمرنى فيه التواضع".

غير أنه بعد أربعة أيام من هذه البرقية، وإثر ضغوط هائلة من جانب الكرملين كان على باسترناك أن يرسل برقية أخرى إلى الأكاديمية قال فيها: "أجد نفسى مضطرا لرفض هذه الجائزة غير المستحقة التى منحتمونى إياها، ويكاد يكون باسترناك الكاتب الوحيد الذى فاز بالجائزة عن عمل واحد، فقد ذكر تقرير لجنة نوبل حينها أن سبب منح باسترناك الجائزة يتمثل فى القيمة الفنية لرواية دكتور زيفاجو.  وظلت هذه الرواية ممنوعة من النشر فى الاتحاد السوفييتى حتى وصول ميخائيل جورباتشوف إلى الحكم عام 1988 وسمح بنشرها فى ظل سياسة البريسترويكا.

والقيادى الفيتنامى والسياسى لو دوك ثو الذى فاز بالجائزة عام 1973 مناصفة مع الأمريكى هنرى كيسنجر لجهودهما فى إقرار السلام بفيتنام، إلا أنه رفض هو الآخر أن يتسلم الجائزة لعدم تحقق السلام على الأرض، أيضا منع أدولف هتلر الزعيم النازى ثلاثة فائزين ألمان من تسلم جوائزهم وهم ريتشارد كوهن فى الكيمياء عام 1938، وأدولف بوتينانت فى الكيمياء أيضا فى عام 1939 ، وجيرهارد دوماك فى الطب عام 1939.

كما رفض نيكولا تيسلا المخترع والفيزيائى الذى ترك عمله لدى أديسون محبطا وأسس مختبره الخاص ثم توالت ابتكاراته التى حصل بها على براءات اختراعات، ودخل تيسلا فى مواجهة مباشرة مع توماس أديسون، حيث كان كل منهما يدافع بشراسة عن ابتكاره فى مجال الكهرباء، وقد نجح تيسلا فى النهاية فى جعل التيار المتناوب مقبولا ومعتمدا كنظام للطاقة الكهربائية على مستوى العالم.

وقررت الأكاديمية السويدية للعلوم عام 1916 منح "توماس إديسون و"نيكول تيسلا" جائزة نوبل للفيزياء مناصفةً لجهودهما فى مجال الفيزياء التجريبية، لكن إديسون رفض تقاسم الجائزة مع "تيسلا"، كما رفض "تيسلا" مشاطرة الجائزة مع أديسون فحجبت عنهما معاً. تيسلا عرف بمساهماته الثورية فى مجال الطاقة الكهرومغناطيسية فى أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.