من هو غاريبالدي؟



سؤال الزائر: من هو  غاريبالدي؟
جوزيبي غاريبالدي: كان جنرالاً وسياسياً ووطنياً إيطالياً ولد في مدينة نيس الفرنسية في 4 يوليو 1807، وكان والده صائداً للسمك، وبالرغم من صغر سنة، فقد هيأ لابنه تعليماً طيباً، ولعل هدفه من ذلك كان إعداده للانخراط في سلك رجال الدين.

 لكن جوزيبي غاريبالدي صمم على اختيار حياة البحر، ونجح فعلاً في عمله كبحار تجاري. في خلال رحلاته العديدة، تشبعت نفسه بالمثل الوطنية وبالحب لوطنه إيطاليا. وفي عام 1834، كان من المفروض أن يحكم عليه بالإعدام لاشتراكه في محاولة للاستيلاء على جنوى، غير أنه هرب إلى مرسيليا، ومنها إلى أمريكا الجنوبية.

 وبدافع من تقديسه للحرية، عرض خدماته على حكومة ريو گرانده، التي كانت ثائرة على الديكتاتور البرازيلي، وقد أظهر جوزيبي غاريبالدي مهارة فائقة في حرب العصابات، وكجندي متطوع، وإن كان أمره قد انتهى بوقوعه في الأسر. 

وعندما قبض عليه في أثناء محاولته للفرار، حكم عليه بأن يظل معلقاً من يديه لمدة يومين. ولكن ذلك لم يفت في عضده، فحاول الهرب مرة ثانية، وفي هذه المرة كان هربه مع زوجته ورفيقة كفاحه في مغامراته السابقة في أمريكا الجنوبية، وهي أنيتا ريڤييرا دي سيلڤا. 

مكث جوزيبي غاريبالدي مع زوجته في أمريكا الجنوبية، حيث زاول العديد من الأعمال، مثل رعي الماشية، والسمسرة في تجارة السفن، إلى تدريس الحساب. وفي عام 1842 ساعد أهالي مونتڤيديو في ثورتهم ضد طاغية بوينس آيرس، وتميز بمقدرته الحربية ولكنه ظل يعاود الحنين لوطنه.

 عاد جوزيبي غاريبالدي لوطنه إيطاليا في يونيو 1848، فوجد بلاده في خضم حرب وطنية عظيمة ضد النمسا. فتقدم متطوعاً للقتال في صفوف قوات شارل ألبرت، ولكن طلبه قد رفض. 

كان النمساويون متفوقين في قواتهم على الإيطاليين. وبعد أن فشلت ثورة سردينيا، شكل جوزيبي غاريبالدي فرقة من المتطوعين، حارب بهم بشجاعة ضد النمسا على الحدود السويسرية. ولكن محاولتهم كانت فاشلة ومرة أخرى عادت السيطرة النمساوية تفرض نفسها بإحكام على إيطاليا. 

وفي عام 1849 انضم جوزيبي غاريبالدي إلى الحكومة الثورية في روما، وهي التي قامت بخلع البابا، وأصبح بذلك يقاوم قوات الثوار، الذين سبق أن بذل جل جهده لمعاونتهم. وقد حارب جوزيبي غاريبالدي في صفوف قوات الحكومة الجمهورية في روما، التي تمكنت من التغلب على القوات الفرنسية والتي كانت قد جاءت لإعادة السلطة البابوية. 

ولكن سرعان ما اضطرت الجمهورية إلى طلب الهدنة، وحاصرت القوات الفرنسية روما. وفي 3 يوليو اضطر جوزيبي غاريبالدي لترك موقعه والانسحاب أمام مطاردة النمساويين إلى أن وصل إلى شاطئ الأدرياتيكي وهناك توفيت زوجته ودفنت. 

وهنا جاء وقت الحساب بين سردينيا، التي كانت قد عقدت صلحاً مع النمسا وفرنسا، وبين جوزيبي غاريبالدي الذي لا يقهر، وقد صدر أمر في سردينيا بالقبض عليه، وطلب منه مغادرة إيطاليا، فرحل إلى نيويورك، حيث بقى بها مدة 18 شهراً، يعمل صانعاً للشموع قبل أن يعود للعمل في السفن التجارية.

 في عام 1854، بدأ جوزيبي غاريبالدي حياة جديدة كمزارع في جزيرة كابريرا، ولكن نشوب حرب الاستقلال الإيطالية بعد ذلك بخمس سنوات، دعاه مرة أخرى لتلبية نداء الواجب. فقد استدعاه كاڤور إلى تورينو، وهناك ظهرت كفاءته مرة أخرى كمحارب، ولكن النزاع عاد بينه وبن سردينيا. وكان هدف كاڤور إنشاء الوحدة بين مناطق محدودة في شمال إيطاليا. ولكن جوزيبي غاريبالدي بما طبع عليه من بساطة، كان رده أكثر من ذلك، وأبدى امتعاضه لعدم السماح له باستمرار زحفه إلى روما. 

وعندما ثار شعب صقلية ضد حاكمهم وجد جوزيبي غاريبالدي في ذلك فرصة طيبة فانضم إليهم ونزل بفرقته في مايو 1860 وبعد ثلاثة شهور كانت جزيرة صقلية قد حررت وفي أكتوبر كان جنوب إيطاليا قد خلع حاكمه وعين فيكتور إمانويل ملكاً على سردينيا. توفي جوزيبي غاريبالدي في يونيو 1882، وكانت لوفاته رنة حزن في جميع أنحاء العالم. لم تكن مقدرته خارفة، وهو حتى كجندي، لم يكون أثراً من قائد ماهر لجنود غير نظاميين، ولكن كرمز لعصر الوطنية، نجح في اكتساب إعجاب الأحرار في كل مكان، وكان له دوره في خلق أوروبا الحديثة.


 تابعنا على فيسبوك:  
  
  تابعنا على تويتر: