لهذه الأسباب ارتدى الإنسان الملابس




يعود أصلها إلى 170 ألف عام..


جميعنا نُولد عراة، لكن نحن بحاجة إلى تغطية أجسادنا في الساحات العامة، فالملابس تحمي أجسادنا من الصقيع فبالأماكن الباردة، وكذلك تحمينا من أشعة الشمس ودرجات الحرارة الشديدة. 

وفي يومنا هذا، هناك بعض القبائل التي تعمل في الصيد وجمع الثمار ما زالوا عراة، وهذا يدل على أنه ليس بالضرورة ارتداء الملابس للبقاء على قيد الحياة. 

حسناً، متى كانت المرة الأولى التي نَرتدي فيها الملابس؟ لا توجد معلومات دقيقة تخبرنا بمتى بدأ الإنسان الأول بتغطية جسمه بجلود الحيوانات، ووقف التجول عارياً، لكن حاول تقرير BBC التالي الكشف عن إجابة هذا السؤال.

وحاول علماء الأنثروبولوجيا التعرف على تاريخ الملابس بطرق غير مباشرة. ففي عام 2011م، أُجريت دراسة على القمل الذي يتسبب في فساد الملابس، وكشفت الدراسة أن أصل الملابس يعود إلى ما قبل 170 ألف عام. 

في ذلك الوقت، ظهر في إفريقيا الإنسان العاقل الأول ( هومو سابينس إيدالتو وهو نوع منقرض شبيه بالإنسان، عاش في إفريقيا قبل 160 ألف سنة مضت وانقرض، يقصد من اسمه أنه الإنسان العاقل البكر أو أَول إنسان عاقل). 

ولم يكن هناك الكثير من الشعر بأجسادهم، في حين أن البشر hominis الذي يشبه الانسان أيضاً كان لديه شعر كثيف؛ إذ يعتقد بعض العلماء أنهم بدأوا بارتداء الملابس لتعويض هذا النقص.

في الحقيقة، فإن ارتداء بعض القبائل التي تعمل في جمع الثمار والصيد الحد الأدنى من الملابس في يومنا هذا، قد لا يكون بغرض الاحتشام، ولكن ربما يكون بسبب الشعور بالعار الذي قد نشأ لديهم مثل قبيلة النوير في السودان، ولا يوجد أي أدلة لإثبات ذلك.

كما توجد معلومات تاريخية تُظهر تجول بعض قبائل المجتمعات البدائية بملابس بسيطة مثل قبيلة Fuegian الموجودة في أميركا الجنوبية، وتثبت أيضا تجولهم عراة تماماً.

وفقاً لهذا، فإن الإنسان الأول قد يكون ارتدى الملابس عند شعوره بالبرد، وليس من الصعب فهم أن ارتداء الانسان الملابس في المناطق الباردة خارج إفريقيا كان فقط للحماية من البرد. 

ويوجد نوع آخر من البشر، يطلق عليهم نياندرتال أي البشر البدائيون، بالتأكيد قد شعروا بالحاجة إلى ارتداء الملابس؛ لأنهم عاشوا في مناخ أكثر برودة من ذلك بكثير.

نياندرتال
عاش إنسان نياندرتال في أوروبا قبل الإنسان الحديث، ويعتقد أن كلا النوعين قد نشأ من النسل المشترك نفسه الذي يسمى هومو هايدلبرغ. 

إذا كان البشر البدائيون يرتدون الملابس، فمعنى ذلك أنه تم صنع الملابس أكثر من مرة، وذلك يوجب أن يكونوا قد صنعوا الملابس قبلنا. 

ويعتقد الخبراء أيضاً أن النياندرتال كان لديهم نهج مختلف للملابس؛ إذ يُتوقع أنهم قد غطوا 70-80% من أجسامهم شتاء بالنظر إلى الأماكن التي يعيشون فيها، ومن المحتمل أنه كان عن طريق ارتداء جلود الحيوانات علي ظهورهم بشكل بسيط. 

ومن ناحية أخرى، صنع الإنسان الحديث بضع قطع من الملابس ومن خلال دمجها أصبحت أكثر تعقيداً؛ إذ كانوا يميلون إلى صيد الحيوانات التي كانت جلودهم توفر لهم الدفء مثل الدب وحيوان الدلق. 

ومن المعروف أن شعب الإسكيمو يفضل جلود هذه الحيوانات؛ نظراً لعدم تجمد جلودهم.


مزايا تكنولوجيا الإنسان الحديث
يقول علماء الأنثروبولوجيا إن الإنسان الحديث يتكيف مع البيئة، وذلك بفضل التكنولوجيا الحديثة التي تسمح له بصنع ملابس أكثر ملاءمة، بدلاً من انتظار تطوير مميزات تؤهلهم للعيش في الأماكن الباردة. 

لكن، أصبح البشر البدائيون أكثر قدرة على التكيف مع المناخ البارد، بواسطة بناهم الجسدية السميكة والقصيرة أكثر من الإنسان الحديث في أوروبا. 

وكان قد جاء النياندرتال إلى أوروبا منذ وقت طويل، بينما كان يقضي الإنسان الحديث جزءاً مهماً من تاريخه في إفريقيا الاستوائية. 

ومن المثير للاهتمام، أن تكيفهم مع البرد على نحو أفضل، قد يكون في الوقت نفسه سبباً في انقراضهم. 

وقبل 30 ألف عام، كان الإنسان الحديث أكثر حساسية ضد البرد بسبب جسمه الضعيف، وخاصة في فترات البرد القارس، فاضطر العلماء إلى تطوير الاختراعات التكنولوجية لإغلاق هذه الفجوة. 

واستطاعوا إنتاج ملابس أكثر تعقيداً باستخدام آلات ذات نصل مميز وإبر خياطة.

الآلات من العظم
ومع ذلك، لم يكن هناك سوى مشارط معدنية بسيطة، ولم يستطع النياندرتال صناعة ملابس مناسبة للعصر الجليدي. 

وهذا لا يعني أنهم كانوا أقل ذكاء مننا، فسابقاً لم يكن هناك ضرورة لارتِداء ملابس تغطي الجسد كاملاًَ، وعندما ظهرت هذه الاحتياجات لفعل ذلك، كانوا قد حُرموا من التكنولوجيا. 

وتشير بعض الدراسات إلى أن الإنسان الحديث ربما تعلم عدة أشياء من النياندرتال، فكانوا أول من استخدم أدوات من العظم بدلاً من الحجر. 

بدأ الإنسان العاقل الأول استخدام آلات مماثلة للتي كان يستخدمها النياندرتال بعد انقراضهم؛ إذ يرى البعض أن في هذا دليلاً على وجود أشياء نُقلت من البشر البدائيين إلى الإنسان الحديث. 

ولم يكن هذا النقل على شكل تبادل مباشر، فربما كان الموضوع عبارةً عن تزامن بين الإنسان الحديث وآلات النياندرتال.

ملابس بميزات التواصل الاجتماعي
كانت قد طُورت الملابس في العصر الحجري قبل ما يقرب من 30 ألف عام؛ إذ وجدت ألياف كتان مصبوغة عائدة إلى تلك الفترة في كهف Dzudzuana بجورجيا. 

وكانت تُستخدم الملابس بهدف الزينة والرمزية، وفي الواقع ربما بدأ نمط طلاء الجسم قبل ظهور الملابس بكثير. 

كما توجد معلومات تفيد بأن النياندرتال كانوا يقوموا بطلاء أجسامهم بأصباغ حمراء قبل 200 ألف عام. 

وقد تكون استُخدمت هذه الأصباغ في الرسم على جلود الحيوانات، والرسومات في الكهوف، والطقوس الاحتفالية بالمقابر. 

ويشير الخبراء إلى أنه عندما يكون الطقس بارداً يقومون بتغطية أجسامهم المطلية بالملابس، بعد ذلك تُنقل الرموز الموجودة على أجسامهم إلى الملابس، وفي هذه الحالة تصبح سمة اجتماعية ومن ناحية أخرى تُستخدم لأغراض التدفئة. 

باختصار، إن الملابس تحمل مميزات كثيرة ومعقدة أكثر مما نظن، ومن دون هؤلاء لما بقينا على قيد الحياة، فاليوم لها وظائف عديدة تتعدى بكثير أغراض التدفئة.

الملابس هي جزء من هويتنا، وثقافتنا، ومعاييرنا الاجتماعية، فهي ميزة تُميزنا عن الكائنات الأخرى، وإلى جانب ذلك فهي تميزنا أيضاً بعضنا عن بعض، بالإشارة إلى انتمائنا إلى جماعات اجتماعية وسياسية مختلفة.


المصدر: هاف بوست عربية


تابعنا على الفيسبوك:


تابعنا على تويتر: