قتل الوقت أم تنظيم الوقت؟





دوتشيه فيله الألمانية - كان الوقت عند كثيرين آفة لابد من " قتلها " لكنّ العالم المعاصر بات ينظر إليه كأغلى قيمة فشاعت طرق تنظيمه وحمايته. موقع فوربس الدولي لإدارة الأعمال وموقع بسايكك سينترال الطبي نشرا خطوات فعالة لتنظيم الوقت.

عشرات الأشياء تقتلُ الوقت وتضيعه في العصر الرقمي، ابتداء من تغريدات تويتر المستمرة التي تنبهك على هاتفك الذكي، ومرورا بنبضات فيسبوك التي تصلك وإخطارات المواقع التي تزورها غالبا والتي تُشعرك بالتطورات حال إصدارها معلومة ما، هذا غير الرسائل النصيّة "اس ا م اس" التي تصل عبر الهاتف المحمول من معارفك وأصدقائك وعيادات أطبائك، وغير المواعيد التي نظمتها على الهاتف والتي تعطيك إخطارات تنبيه كلما أوشك حلولها. وغير إخطارات حسابات الميل التي تشعرك حال وصول أي رسالة لك.

ولا ينتهي كل ذلك بشاشات التلفاز التي باتت تعرض شريطين للأخبار أسفل وأعلى الشاشة إضافة إلى المادة الرئيسة المعروضة. إنها قنوات قتل الوقت الخفية، ولكن المشكلة الصعبة أنّ الإنسان المعاصر يحتاج إلى كل ذلك، فما العمل؟ وكيف ينظم وقته وسط سيل المعلومات الذي يصله كل لحظة ويشتت ذهنه وتركيزه؟

تنظيم الوقت مفتاح الراحة

صفحة التكنولوجيا على موقع فوربس الخاص برجال الأعمال وبإدارة الأعمال اقترحت عبر مقال بعنوان " كيف ينظم الإنسان وقته بشكل مؤثر" تركيزا منظّما على الأشياء حسب أهميتها، وإلغاء كل ما يقترح عليك أنه أمر فوري! فالعقل البشري يعمل بموجب ترتيب الأسبقيات، ويستجيب للأشياء حسب أولوياتها، وهكذا فإن الإخطارات على هاتفك الذكي تأخذ وقتا كثيرا منك، وفي النتيجة لن تستطيعَ نهاية اليوم ممارسة الرياضة (والرياضة ليست ترفا في العصر الرقمي، فالإنسان دون رياضة يصاب بالبدانة القاتلة وبكل أنواع أمراض الظهر والعضلات والأعصاب). ويقترح المقال عكس طرفي المعادلة وهو ما يبدو مخالفا للمنطق العقلي السائد ولقيم المجتمع البشري المبنية على السرعة.

المقال يشير إلى أنّ معظم يومنا يمضي في استجابات فورية لإشارات يرسلها لنا آخرون، وكحل للمعادلة يقترح التالي:

- قل لا! فنحن في الغالب نستجيب بشكل عفوي بالإيجاب لكل من يطلب منا شيئا بطريقة ودودة ، وهو أمر يبعث فينا شعور الرضا، ولكن لا تنس أنّ أهل بيتك- مثلا- ينتظرون عودتك، وقد يخرّب تأخرك عنهم كل خططهم، واستجابتك النبيلة لمن طلب منك شيئا قد تخلق لك مشكلة معهم. تأكّد أنّ الناس غالبا يتعاملون باحترام غريزي مع من يعرف أن يقول "لا".

- ارفع كابول التلفزيون في بيتك. وهو أمر يوفر لك ساعات كثيرة يمكن أن تنفقها في عمل أشياء مفيدة. لكن التلفزيون عند كثيرين مصدر معرفة أساسي، وهو وسيلة لتعلم اللغات في مناطق عديدة من العالم، لذا لابد من موازنة عملية بين المشاهدة لغرض المعرفة وبين المشاهدة الكسولة غير المجدية.

- التقليل من الإخطارات الإلكترونية! التقنيات المعاصرة تخلق عندنا إدمانا اسمه الإخطارات والفوريات: فيسبوك، تويتر، ايميل، فكيف إذا امتلك المرء أكثر من حساب لكل من هذه التطبيقات والوسائل؟ جواب ذلك يسير: اغلق كل الإخطارات، وراجع تلك الحسابات حين يتوفر لكَ وقتٌ كافٍ خارج خططك، مثلا خلال ساعة تناول الغداء، ولكن اغلب الأطباء والعلماء ينصحون بعدم العمل بالتزامن مع تناولنا الطعام. إنها معادلة صعبة أخرى إذا!

- حدد أولوياتك! وهنا يتجلى التناقض البشري، فالإنسان يسجل مواعيده المتعلقة بالآخرين وينظمها، لكنه لا ينظّم مشروع حياته في كتابة كتاب هام، ولا ينظم وقته في الذهاب إلى النادي الرياضي وهو أمر حيوي للجسد. حدد لكل شيء وقتا، ولا تخرج عن الجدول الزمني المخطط مهما حدث.

- لا تخلق أعذارا تخرج بها عن جدولك الزمني! فأثناء العمل قد يرتبك ذهنك وتفقد البوصلة فلا تميز الأسبقيات. الأفضل أن تبقى ملتزما بجدولك الزمني المعد مسبقا.

- هناك ملايين الأشياء التي يجب أن نفعلها، وهو أمر يعجز عنه الإنسان، فالأصح أن ينتخب المرء شيئا واحدا، أو شيئين وصولا إلى ثلاثة أشياء لينجزها كحد أعلى ، فيتاح له أفضل إنتاج. تعدد المهام المنجزة في وقت واحد أو ما يعرف بـ "ملتي تاسكنك" قد لا يكون صحيحا ونافعا دائما.

- تجاهل وأهمل! وهذا فيه خشونة في السلوك، وقلة مهنية، ولكنه في الغالب أمر بالغ الضرورة ولابد منه. فهناك أناس لن تجد قط وقتا لإجابتهم، وهناك طلبات تردك وتسمح لنفسك دائما أن تتناساها. وبوسعك أن تبطئ في إجابة الايميلات التي تصلك، وفي دفع الفواتير المطلوبة منك وفي ترتيب مكان عملك! وتأكّد أنّ العالم لن ينتهي بسبب إبطائك، كما أن حياتك لن تتأثر بهذا بأي شكل.

طرق بديلة لتنظيم الوقت

مقابل الحلول الرقمية، هناك طرق تقليدية لتنظيم الوقت، يقترحها مقال نشره موقع بسايكك سينترال الطبي:

- نظّم جدولا لأيامك وقوائم بأسبقيات العمل، ولكن هذا الأسلوب يحتاج إلى التزام صارم ومنضبط بتنفيذ الجدول، واغلب الناس لا يملكونه.

- ضع مواعيد نهائية لتنفيذ خططك. ومثل الجداول ستظهر دائما معوّقات تثنيك عن الوصول إلى الموعد المقرر.

- توقف عن ممارسة تعدد المهام" ملتي تاسكنك" ففي الغالب ينجز العمل على أتمّ وجه حين يركز المرء على نقطة واحدة ولا يشتت ذهنه.

- صدّر المسؤوليات ووزعها على الآخرين، فكونك المؤهل الوحيد لعمل كل شيء خرافة عليك أن تشفى منها. العالم لا يقف عند خبرات ومعرفة أي إنسان. دع كلا من زملائك يبذل أحسن ما عنده، فهذا أريح لكَ ولهم، والنتائج تأتي إيجابية غالبا.

- كن مرنا في تغيير خططك الفورية حين يعاكسك طارئ لا تتمكن من تجاوزه. ومثال ذلك، تعطل المرور الصباحي، تأخرك في اجتماع أو ندوة معينة أكثر من المقرر، لقاء غير مخطط له يغير مسار الأشياء، وعكة صحية مفاجئة تقعدك عن العمل.

- كافئ نفسك حين تنجز عملا ما حتى نهايته. والمكافأة هنا أن تفعل شيئا تحبه ويريح أعصابك دون إبطاء ودون تأجيل (اذهب إلى المسرح، اذهب إلى السينما، التق بمن تحب خارج إطار العمل، خذ أولادك لحديقة عامة والعب معهم كرة القدم دون قيود).

ختاما، تتعاظم قيمة مقولة الرئيس الأمريكي بنيامين فرانكلاين " الوقت يعني المال" حتى بات الإنسان المعاصر لا يملك وقتا يمضيه إزاء عروض المال الكثيرة المقدمة في عالم الأذكياء والناجحين.




          

تابعنا على الفيسبوك  :


تابعنا على تويتر: