وعقاب الخائن هو ...





محمد عواد – كنت أتحاور مع صديق مقرب أعتز بمعرفته ومستواه الفكري الذي ينير كل نقاش، كلامنا تركز على بعض قضايا الخيانة والتي للأسف نعرف أشخاصاً متورطين فيها، وكان الاتفاق واضحاً بأن للخيانة أسباب تؤدي إليها لكن ليس لها مبررات أبداً، فبالنهاية كل الأسباب كان بالامكان إزالتها لو اتبع الخائن طريق المصارحة بين الطرفين بعد انتهاء النقاش أخبرته بأن نقاشنا أوحى لي بفكرة موضوع "عقوبة الخائن".

إن الخائن وأثناء وبعد ارتكابه للخيانة يؤنبه ضميره ولو كان شر الخلق، فهو يشعر بارتكابه الأمر الخاطىء مهما كانت منظومة المبادىء التي يحملها، ويستمر تأنيب الضمير ولو انغمس في الأمر لسنوات فالضمير سيبقى ضميراً وسيبقى مؤنباً له وإن قلة شدة هذا التأنيب مع مضي الزمن، وبالتالي سيبقى الخائن يبرر لنفسه مستخدماً الأسباب المختلفة ليجعل ضميره يصمت وهو ما يشبه قيام أحدهم بتقديم رشوة لمراقب له كي يصمت ولو مؤقتاً.

كل ذلك لا يعفي الخائن من العقاب الأكبر في هذه الحياة، هذا العقاب هو فقدانه الثقة بكل الناس وبالتحديد بشريكه الذي قام بخيانته وإن التزم الصمت ولم يظهر هذا، فهو يعيش على صدى أوهامه بانه يتعرض للخيانة من قبل شريكه وكذلك من قبل الطرف الذي يخون معه.

فكلما جاء تصرف عادي من قبل الأخرين لكنه تصرف يقوم به لإخفاء جزء من خيانته مثل التأخر في العمل يشعر بمرارة خيانته، وعندما يسمع كلمة معينة مثل "أنت لا تفهمني  كما ينبغي" يتذكر أن هذه الكلمة يستخدمها لرشوة ضميره المراقب لخيانته، فتكون النتيجة أن يعيش بين نارين؛ نار ضميره الذي يستيقظ كل فترة حتى يقبض الرشوة ونار شكه بكل من حوله حتى في شريكه بالخيانة.

مشكلة هذا العقاب أنه يستمر ويستمر بلا نهاية ما دام الشخص خائناً، وهو يستمر لسنوات بعد انقطاع الخائن عن فعله القبيح لأن الأمر مثل البناء الذي يتم ويحتاج وقت كي ينهدهم، بناء بحور شك وبحور عدم ثقة لن تنتهي بلحظة التوبة عن الأمر، تماماً مثلما يحدث مع السارق الذي يعتقد أن كل الناس لصوص وتماماً مثل الكاذب الذي يعتقد أن كل الناس كاذبين.


تابع الكاتب على الفيسبوك و تويتر:





تابعنا على الفيسبوك:


تابعنا على تويتر: