لن تجد نفسك بعد أن تصبح قارئاً





محمد عواد - من أكثر المقولات التي أحفظها:
"إنك لن تجد المرأة ذاتها بعد أن تحبها "
وهي مقولة بسيطة تعني أن المعايير قبل الحب تتغير تماماً بعد الحب والارتباط ، فعندها تتغير نظرتك وتجد من أحببت شخصاً مختلفاً وربما من هنا تأتي معظم حالات الطلاق بعد علاقة حب طويلة ، وذلك نظراً لعدم مرونة الطرفين وتغيير نظرتيهما وإدراك أن ما كان هو لمرحلة ماضية والآن مرحلة جديدة تتطلب شيئاً جديداً.

أريد استعارة تلك المقولة لأسقطها على تغيير الإنسان وبشكل إيجابي بعد أن يتحول لإنسان قارىء، لأقول : "إنك لن تجد نفسك بعد أن تصبح قارئاً " ، فصدقني كل شيء في حياتك سيتغير وأتكلم هنا عن تجربة شخصية لي وبعض الأصدقاء ممن تحولوا للقراءة ، ضبط أعصابك سيتحسن وطريقة تحليلك ستتطور بل وعلاقتك بمن هم حولك ستكون أمراً مختلفاً.

ليس هناك حدود لفوائد القراءة ، فهي شيء بلا حدود وأنا هنا أتحدث عن شخص عادي فتح كتاباً فوجد فكرة فانطلق لكتاب أخر فوجد فكرة أخرى، هو يحصد الأفكار مجاناً ويتعلم كيف ينظر إلى الأمور، هو يطور عقله بكتاب ولا يحتاج لسنوات ولا دروس حياتية صعبة يدفع ثمنها كي يتعلم شيئاً مكتوباً في معظم الكتب.

تعرفت إلى فتاة صنعت نفسها بنفسها وبطريقة مذهلة ، فبعد أن بدأت بوظيفة هامشية للغاية في إحدى الشركات الإلكترونية العربية الكبرى تطورت بشكل مفاجىء للجميع، وهي الآن أحد أهم أعمدة تلك الشركة وتدير قسماً كبيراً وثقة الإدارة فيها واضحة في العمل والغريب جداً أنها لا تحمل شهادة جامعية!.

عندما عملت في تلك الشركة بشكل مؤقت كاستشاري للإعلام الجديد وجدت بعضاً من عشاق التماثيل المكسورة، حيث بدأ البعض يتهمها بأنها استخدمت أساليب النفاق للوصول إلى غايتها ومنعهم من التمادي باتهامها إلى أبعد من ذلك أنها لم تكن على درجة عالية من الجمال، ولأنني أكره ذلك النوع من السلبية حاولت الاحتفاظ بوجهة نظر محايدة تجاهها وإن تأثرت قليلاً بكلامهم حتى قابلتها في الوقت المناسب لتطبيق المشروع مع تلك الشركة.

جلسنا مع بعضنا وتكلمنا وفاجأني مدى معرفتها بعديد الأمور مما أنا قادم لتطبيقه، وفاجئتني كذلك بمرونتها للتغيير ومعرفتها بعديد قصص النجاح حول الإعلام الجديد ، فسألتها :" عذراً ، لكنك تعرفين الكثير فهل درست هذا؟". أجابتني : " أنا لا أحمل شهادة جامعية ، لكنني اعتدت أن أجبر نفسي على قراءة كتابين في الأسبوع الواحد وهذا يعوضني عن الشهادة ويطورني جداً".

بعد ذلك أدركت بأن وصولها لم يأتِ من نفاق ولا وصولية خصوصاً بعد أن تطورت علاقتي بمدير الشركة وأصبح صديقي وسألته بوضوح فأجابني بالحقيقة، إن لديها فكراً مختلفاً ولديها أفكاراً جديدة بشكل مستمر وهي حيوية وعندما لا تعرف تقول : "لا أعرف" ، كما أنها تأتي يومياً بمعرفة جديدة.

تلك الفتاة ليست قصة جديدة، فرئيس أمريكا ابراهام لينكولن تعلم من صندوق كتب اشتراه وأصبح بعد ذلك أفضل من حكم أمريكا وأدخل إليها مفاهيم الحرية والمساواة قبل أن يتعرض للاغتيال. في الختام أقول ما قاله الكاتب راي باردبوري : " هناك جريمة أكبر من جريمة حرق الكتب ، ألا وهي جريمة عدم قراءتها". 


تابع الكاتب على الفيسبوك و تويتر:





تابعنا على الفيسبوك:


تابعنا على تويتر: