ما معنى وقصة المثل القائل: رب ساع لقاعد؟







 أول من قال ذلك معاوية بن أبي سفيان، وذلك إنه لما أخذ من الناس البيعة ليزيد ابنه قال له: يا بني، قد صيرتك ولي عهدي بعدي،، وأعطيتك ما تمنيت، فهل بقيت لك حاجة، أو في نفسك أمر تحب أن أفعله? قال يزيد: يا أمير المؤمنين، ما بقيت لي حاجة، ولا في نفسي غصة ولا أمر أحب أن أناله إلا أمر واحد. قال: وما ذاك يا بني? قال: كنت أحب أن أتزوج أم خالد امرأة عبد الله بن عامر بن كريز، فهي غايتي ومنيتي منن الدنيا. فكتب معاوية إلى عبد الله بن عامر فاستقدمه، فلما قدم عليه أكرمه وأنزله أياماً ثم خلا به فأخبره بحال يزيد، ومكانه منه، وإيثاره هواه، وسأله طلاق أم خالد على أن يطعمه فارس خمس سنين، فأجابه إلى ذلك، وكتب عهده، وخلى عبد الله سبيل أم خالد. فكتب معاوية إلى الوليد بن عتبة، وهو عامل المدينة، إن يعلم أم خالد أن عبد الله قد طلقها لتعتد، فلما انقضت عدتها دعا معاوية أبا هريرة فدفع إليه ستين ألفاً وقال له: ارحل إلى المدينة حتى تأتي أم خالد فتخطبها على يزيد، وتعلمها أنه ولي عهد المسلمين، وإنه سخي كريم، وإن مهرها عشرون ألف دينار، وكرامتها عشرون ألف دينار، وهديتها عشرون ألف دينار. فقدمك أبو هريرة المدينة ليلاً فلما أصبح أتى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه الحسن بن علي فسلم عليه وسأله متى قدمت? قال: قدمت البارحة. قال: وما أقدمك? فقص عليه القصة. فقال له الحسن: فاذكرني لها. قال: نعم. ثم مضى فلقيه الحسن ابن علي، وعبيد الله بن العباس رضي الله تعالى عنهم، فسألاه عن مقدمه، فقص عليهما القصة فقالا له: اذكرنا لها. قال: نعم. ثم مضى فلقيه عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن مطيع بن الأسود، فسألوه عن مقدمه فقص عليهم القصة فقالوا: اذكرنا لها. قال: نعم. ثم أقبل حتى دخل عليها فكلمها بما أمر به معاوية ثم قال لها: إن الحسن والحسين، ابني علي، وعبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس، وابن الزبير، وابن مطيع سألوني أن أذكرهم لك. قالت: أما همي فالخروج إلى بيت الله والمجاورة له حتى أموت أو تشير علي بغير ذلك. قال أبو هريرة: أما أنا ففلا أختار لك هذا. قالت: فاختر لي. قال: اختاري لنفسك. قالت: لا بل اختر أنت لي. قال لها: أما أنا فقد اخترت لك سيد شباب أهل الجنة. فقالت: قد رضيت بالحسن بن علي. فخرج إليه أبو هريرة فأخبر الحسن بذلك وزوجها منه، وانصرف إلى معاوية بالمال، وقد كان بلغ معاوية قصته، فلما دخل عليه قال له: إنما بعثتك خاطباً ولم أبعثك محتسباً. قال أبو هريرة: إنها استشارتني، والمستشار مؤتمن. فقال معاوية عند ذلك: اسلمي أم خالد، رب ساع لقاعد، وآكل غير حامد. فذهبت مثلاً.
 

تابعنا على الفيسبوك:
تابعنا على تويتر: