ما هو لاهوت التحرير؟





لاهوت التحرير في المسيحية هو مدرسة لاهوتية تركز على أن يسوع المسيح لم يكن فقط "المخلص" ولكن أيضا محرر الشعوب التي ترزح تحت وطأة الظلم. ظهرت هذه الحركة في النصف الثاني من القرن العشرين في الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا اللاتينية، تطالب بأن تطبيق الإيمان المسيحي يتم بمساعدة الفقراء والدفاع عن المظلومين وذلك بالتورط في السياسة والأعمال المدنية.

يعتقد لاهوت التحرير بأن الله يتحدث للبشرية بشكل خاص عن طريق المعدمين وبأن الكتاب المقدس لا يمكن فهمه إلا من منظور الفقراء. وترى هذه المدرسة بأن الكنيسة الكاثوليكية في أمريكا الجنوبية تختلف بشكل جوهري عن نظيرتها في أوروبا، لأن كنيسة أمريكا اللاتينية كانت دائماً من ولأجل الطبقة الفقيرة.

في سبيل بناء كنيسة هذه القارة تأسست ما عرفت باسم "جماعات الأساس" (communidades de base)، وهي عبارة عن مجموعات مسيحية محلية يتراوح عدد أفراد كل منها بين 10 و 30 شخص تقوم بوظيفتين أساسيتين، الأولى دراسة الكتاب المقدس والثانية تلبية الاحتياجات الملحة لأبناء الكنيسة من طعام وماء وبنية تحتية للصرف الصحي وأيضاً الكهرباء. تألفت تلك الجماعات في الغالب من العلمانيين وانتشرت في مختلف أنحاء أمريكا الجنوبية.

يؤرخ تاريخ ولادة لاهوت التحرير عادة مع بداية المؤتمر العام لأساقفة أمريكا اللاتينية في كولومبيا عام 1968، حيث أصدر الأساقفة في هذا المؤتمر وثيقة تؤكد على حقوق الفقراء وتقول أن الدول الصناعية الكبرى قد اغتنت على حساب دول العالم الثالث. وقد كتب النص الأساسي لهذه الحركة (لاهوت التحرير - Teología de la liberación) عام 1971، بيد غوستاف غيتييرز وهو قسيس ولاهوتي من البيرو. وكان من أبرز وجوه الحركة رئيس أساقفة السلفادور أوسكار أرنولفو روميرو (اغتيل عام 1980) واللاهوتي البرازيلي ليوناردو بوف والأب اليسوعي جون سوبرينو ورئيس الأساقفة هيلدر كامارا من البرازيل.

اشتد بريق نجم حركة لاهوت التحرير في أمريكا الجنوبية في فترة السبعينيات، وبسبب تورطها في النضال السياسي لأجل المحرومين ضد هيمنة النخب الغنية انتقدت الحركة بشدة من قبل الفاتيكان، واعتبرتها الكثير من الشخصيات الكاثوليكية امتداداً للماركسية في الكنيسة واتهمت بالمدافعة عن توجهات الحركات اليسارية. وفي التسعينيات حاولت الكنيسة الكاثوليكية بشخص البابا يوحنا بولس الثاني الحد من تأثير الحركة وذلك عن طريق تعيين أساقفة أكثر تحفظاً في البرازيل وفي دول القارة الأخرى.
تابعنا على الفيسبوك:
تابعنا على تويتر: